الخميس، 5 مارس 2009

مقدمة لابد منها

مقدمة لا بد منها :

رأى فرعون فى منامه حلما أفزعه .. فجمع العرافين من أقطار الأرض وحدثهم بما رأى .. فحدثوه بأن غلاما سيولد فى مصر .. وعندما يشب عن الطوق سيقتلك ويستولى على ملكك ويشرد أهلك ويقضى على عقيدتك .. وسيكون السبب فى كل بلاء يصيبك ويصيب ملكك ..
فأمر فرعون على الفور بذبح كل وليد فى مصر .. وفى ذلك الوقت .. ولد نبى الله موسى عليه السلام .. فارتعشت أمه وتولاها الجزع ..
ولكن الله سبحانه أنزل على قلبها السكينة وأمرها بأن تضعه فى تابوت وأن تلقيه فى اليم .. ولا تخافى ولا تحزنى وإنا رادوه اليك وجاعلوه من المرسلين ..
ونفذت أمر ربها .. فأرضعته ووضعته فى التابوت وألقته فى اليم .. وجعلت أخته تقص أثره .. تتبعه بعينيها ..
وظلت تتبعه حتى وقف على سلالم قصر فرعون الغائص درجاتها الأولى فى الماء .. وبصر به الجوارى عن قرب .. فجرين إليه .. وحملنه .. وهن فرحات إلى زوجة فرعون التى فرحت به كثيرا ..
وجئن له بمرضعات .. فرفضهن جميعا واحدة .. واحدة ..
وظهر على وجوههن اليأس من حاله ..
وهنا قالت لهن أخته :
ـ هل أدلكن على مرضعة تكفله لكم .. وتغنيكن عن التعب ..
وجاءت بأمه .. فأرضعته .. وقرت عينها به .. فبعد فراق لم يطل عاد الرضيع بقدرة الله وتدبيره إلى أمه ..
وتربى الغلام فى قصر فرعون حتى شب عن الطوق وأصبح شابا مكتمل الرجولة .. تربى فى القصر على الأدب والشهامة والفروسية ..
وأصبح يخرج من القصر .. ويعيش الحياة اليومية فى المدينة .. ويختلط بالناس .. ويعاشرهم ..
وكان فى المدينة قوم مضطهدون لا يأخذون حقهم فى الحياة .. فكانوا يلجأون إليه ليتشفع لهم عند فرعون .. وأصبح لطول عشرته لهم يحبهم حتى أصبح منهم .. وأصبح من العشيرة المضطهدة التى تلاقى الويلات من الفئات الأخرى من الشعب ..
وذات يوم .. استغاثه الذى من عشيرته على الذى من عدوه فضربه موسى فخر صعقا ..
وهرب موسى خشية أن يقبض عليه .. وأصبح يعيش خائفا يترقب ..
ولكن الله أعمى بصيرة القوم عن الاهتداء إليه .. ونجا من الموت .. ونسى الحادث ..
***
وأصبح رجلا فى المدينة قويا مفتول الساعد فارسا من أبرع الفرسان واشتهر بفروسيته لأنه تربى فى قصر فرعون مع الخيل ..وذات يوم خرج بجواده .. إلى خارج المدينة فوجد على الماء قوما يسقون عنهم دوابهم ومن دون الماء .. رأى امرأتين تذودان ..
فسألهما لماذا هما بعيدتان عن الماء هكذا ..؟
فقالتا له :
ـ لا نسقى حتى يصدر الرعاء .. وأبونا شيخ كبير ..
فسقى لهما ثم تولى إلى الظل وهو يقول :
رب أوزعنى أن أشكر نعمتك التى أنعمت علىَّ..
***
وقصت البنتان أمر الرجل على أبيهما وقالت له إحداهن :
ـ يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوى الأمين ..
ولم يمر من الوقت إلا القليل .. حتى جاءته احداهما تمشى على استحياء وقالت :
ـ إن أبى يريد أن يجزيك أجر ما سقيت لنا ..
فذهب معها إلى والدها ..
وقال له الشيخ :
ـ إنى أريد أن أزوجك احدى ابنتى على أن تؤجرنى ثمانى حجج وأن زدت عشر فمن عندك ..
فرد عليه موسى :
ـ إنى أعمل معك السنين التى ترضاها ..
وتزوج إحدى ابنتيه وعاش مع الشيخ ..
***
واشتهر زمن فرعون بالحواة والعرافين والذين يتقصون أخبار النجوم .. ولكن أبرهم جميعا كان الحواة ..
وفى قصر فرعون .. تجمعوا يظهرون براعتهم فى ساحة كبيرة أعدت لذلك ..
وكان موسى واقفا معهم يشاهد لعبهم .. ولا يشترك معهم فى لعب .. ولكن الله أراد أن يظهر قدرته ومعجزه وسط هذه الجموع ..
فألقى الحواة عصيهم وحبالهم .. فإذا هى كما يخيل للنظارة حياة تسعى ..
وأمر الله موسى أن يلقى عصاه فألقاها فإذا هى تلقف ما ألقوا ..
وظهرت المعجزة الكبرى والقدرة العليا .. قدرة الله سبحانه ..
واغتاظ فرعون وتميز من الغيظ وقال للحواة :
ـ انه كبيركم الذى يعلمكم السحر .. والله لأعذبنكم عذاب شديدا .. ولأصلبنكم فى جذوع النخل ..
***
وكانت عشيرته قد زاد اضطهادها من فرعون وملته .. فتزعمهم موسى ليرد هذا العدوان ..
وقرروا بعد عذاب طويل واضطهاد الخوج ..
فخرج من مصر ووراءه القوم .. حتى بلغوا خليج السويس بالبحر الأحمر .. وكان يتصل فى زمن المد بالبحر الأبيض .. فى قناة واسعة ..
ووقف وقومه على رأس الماء حيارى وجيوش فرعون وراءهم ..
وأمره الله بأن يضرب بعصاه البحر فانفلق نصفين ونزل موسى وقومه فى اليابسه حتى عبروا جميعا .. ولما نزل جيش فرعون .. انطبقت عليهم الماء فأصبحوا من المغرقين ..
وسار موسى وقومه إلى سيناء .. وفى سيناء .. رأى نارا .. وكلم الله موسى ..
وأمره أن يدعو إلى دين الله جهارا ..
فطلب موسى من ربه أن يعينه بأخيه هارون ليحلل عقدة لسانه ..
وأخذ موسى ينشر دعوته ..
ثم اتجه إلى البلاد التى كانت تسمى فى وقتها بالشام .. وفى الشام حائط المبكى المشهور لليهود ..
***
ومرت الأعوام وجاء الانتداب البريطانى والانتداب الفرنسى .. ووعد بلفور .. ثم تقسيم فلسطين بين العرب واليهود .. وخديعة الإنجليز وطرد العرب من فلسطين والحروب الدامية فى سنة 1948 وسنة 1956 وسنة 1967 وسنة 1973 ..
حروب دامية طوال ثلاثين عاما زرعت الحقد والخوف فى النفوس .. وذهب فيها آلاف الشهداء وخربت من الموت ودمرت .. وتقطعت الأوصال ..
وفكر الرجل العظيم فى أن ينهى هذا كله مواجهة .. دون لف أو دوران وذهب إلى القدس .. يحمل حمامة السلام وراية السلام البيضاء .. واستجابت له النفوس واهتزت من الفرحة القلوب ..
فما جدوى القتل وما جدوى التدمير ..
وما الذى يستفيده الناس من الحروب الغالب والمغلوب فى خسارة .. تلك سنة الحياة الكبرى ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق